تدهور وضعية النساء في ظل حالة الاستثناء

تونس في 8 مارس 2022

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق النساء نحن جمعية أصوات نساء، وفي إطار متابعتنا للواقع المعيشي للنساء التونسيات والصعوبات التي تواجهها في حياتهن اليومية خاصة في ظل حالة الاستثناء و تردي الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و الضبابية التي تشوب الوضع العام.
أمام تدهور وضعية المواطنات التونسيات و النساء المتواجدات على التراب التونسي, لا يسعنا الا أن نؤكد على أن الاحتفال باليوم العالمي لحقوق النساء لا يغدو الا أن يكون مناسبة أخرى للتذكير بالهنات التي تشوب وضعية النساء في تونس و لدعوة كافة المواطنات و المواطنين لمزيد النضال من أجل تكريس تكريس الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية للنساء في تونس. و في هذا الاطار نتوجه الى الرأي العام بالبيان التالي:
حيث أن الجمهورية التونسية تحتل المراتب الأخيرة في العالم من حيث ضمان المساواة الفعالة للنساء و تكافئ الفرص بين الجنسين و ضمان أمن و سلامة التونسيات, و هو ما تؤكده الاحصائيات الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي سنة2021 في تقريره العالمي عن الفجوة بين الجنسين و التي تؤكد حصول تونس على المرتبة 126 من جملة 156 دولة شملتها الدراسة. ذلك أنه و في ما يخص التمكين الاقتصادي للنساء تحتل تونس المرتبة 144 أين تمثل النساء 28.1 بالمائة فقط من نسبة السكان النشيطين مقابل 75.5 بالمائة من الرجال بينما تحتللن 14.8 بالمائة فقط من المناصب العليا مقابل 85.2 بالمائة من الرجال. تتأكد هاته الأرقام من خلال تقارير أخرى على غرار تقرير مؤشر ماستر كارد للنساء رائدات الأعمال الذي يؤكد وجود 10.9 بالمائة فقط من النساء على رأس الشركات في تونس.

و حيث أن منسوب العنف تجاه التونسيات و كافة النساء المقيمات على التراب التونسي ما انفك في تصاعد, و ذلك بالرغم من سن القانون عدد 58 لسنة 2017 المناهض للعنف ضد النساء و الذي بقي حبرا على ورق. اذ و استنادا الى المعطيات الأخيرة المتوفرة في التقرير السنوي الثالث لمناهضة العنف ضد المرأة و الذي أعدته وزارة المرأة سنة 2021, نجد أن الخط الأخضر 1899 استقبل أكثر من 15510 مكالمة منها 77 بالمائة من نساء تعرضن للعنف و تعهدت المندوبيات الجهوية لوزارة المرأة بحوالي 3000 امرأة ضحية عنف خلال سنة 2020, أما الوحدات المختصة بمناهضة العنف ضد المرأة التابعة لوزارة الداخلية فقد تعهدت ب41668 قضية عنف منها 6842 قضية تخص العنف ضد الأطفال. و عليه و بناء على هاته الأرقام و غيرها, نجد أن أن العدد الجملي للنساء والفتيات ضحايا العنف يقدر بـ38289 ضحية مقابل عدد 3379 قضية في صفوف الأطفال من جنس الذكور أي بنسبة قدرت بـ 91.89 % بالنسبة للنساء والفتيات وبنسبة 8.11 % للأطفال الذكور.

كما تواجه النساء في الوسط الريفي و العاملات في القطاع الفلاحي العديد من الصعوبات الاقتصادية و الاجتماعية, حيث نلاحظ بكل امتعاض تواصل ارتفاع عدد الحوادث التي راحت ضحيتها النساء العاملات في المجال الفلاحي و استمرار تردي وضعيتهن و هشاشتهن. اذ حصدت شاحنات الموت أرواح ما يزيد عن 47 امرأة في الفترة بين 2015 الى 2021 و خلفت 637 جريحة, و هي أرقام مفزعة لا يمكن أن تدل الا على فشل المنظومة القانونية وحدها عن وضع حد لمأساة الكادحات اليومية, علاوة عن الهشاشة الاقتصادية و الاجتماعية التي تعشن في ظلها خاصة مع تشغيلهن بدون عقود و التفاوت في الأجر الذي تعشنه مقارنة بالعملة, اذ و حسب دراسة قام بها المرصد التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية لا تتجاوز أجرة النساء العاملات في القطاع الفلاحي 13د في أفضل الحالات مع انعدام كل تغطية اجتماعية أو حماية صحية.
ان كل هاته المعطيات لا يمكن الا أن :

• يثير استنكارنا تجاه هاته الوضعية المخزية للجمهورية التونسية في مجال المساواة و تكافئ الفرص بين الجنسين.

• يدفعنا الى التصريح بأن قضايا التونسيات من مناهضة العنف و ضمان حقوقهن في الولوج الى مناصب القيادة و في السلم و الأمن و الصحة و التعليم و مناهضة العنف ضدهن هي من أوكد الأولويات التي على الحكومة تبنيها و العمل عليها.

• يجعلنا نطالب بتدخل السلطة التنفيذية العاجل من أجل توفير الإمكانيات القانونية و اللوجستية و البشرية اللازمة لتفعيل القوانين الحمائية للنساء على غرار القانون عدد 58 لسنة 2017 و القانون عدد 51 لسنة 2019 و سن قوانين أخرى من شأنها النهوض بوضعية التونسيين و التونسيات و كافة فئات المجتمع لتوفير مقومات العيش الكريم و الحرية و المساواة لهم و لهن.

• يجدد دعوتنا لهياكل الدولة التونسية لتشريك منظمات المجتمع المدني الناشطة في هاته المجالات للاستفادة من خبرات كافة التونسيين والتونسيات بغية وضع سياسات عمومية تستجيب لحاجيات كافة فئات المجتمع.

• يكرس دعمنا و تضامننا و مساندتنا المطلقين للناجيات من العنف و لكافة النساء التونسيات و الأجنبيات المقيمات في تونس ضحايا التهميش و الاقصاء في كافة ربوع الجمهورية التونسية وتدعو الدولة التونسية الى معاضدة مجهودات منظمات المجتمع المدني في احاطتهن وحمايتهن و تشريكهن في بناء دولة حديثة ضامنة للمساواة و لكافة الحقوق الإنسانية.

عاشت تونس جمهورية حرة مستقلة.